فؤاد تومايان
إبداعا يمثل نقاء وأصالة وصدق العلاقة بين الإنسان والأرض
الفن التشكيلي هو أهم الفنون انتشاراً، فهو بمثابة المرآة الحقيقية التي تنعكس عليها حضارة الشعوب والمقياس الأساسي لتحضر وتقدم أي شعب، هو لغة التأمل والجمال، لغة يفهمها جميع الشعوب، وإدراكاً منا في الجذور لأهمية الفنانين في أيام غربتنا وتاريخ هجرتنا في هذه الأصقاع بشكل عام، والفنانين التشكيليين بشكل خاص، ودورهم الطليعي، بقضايا أوطانهم في تقديم وسائل الدعم ووضع كافة الإمكانيات تحت تصرفهم، في محاولة متواضعة لإيصال إبداعاتهم إلى الشارع العربي والاغترابي في كل مكان، وهذا ما يفسر افتتاح المعرض الثقافي والفني الدائم للجذور على الإنترنت والذي من خلاله يُطل القارئ العربي على إبداعات شعراء وأدباء وفنانو المهجر الأسترالي والتعرف على الطاقات غير المحدودة لهم. وما هذه إلاَّ محاولة لدعمهم بل لدعم أنفسنا، فنحن بأمس الحاجة إلى عطائهم وفي هذا الوقت بالذات.
يسرنا في مؤسسة الجذور الثقافية ان نقدم لكم الفنان التشكيلي فؤاد تومايان: رجلٌ يحمل ملامح الكفاح.. اختار لنفسه ركناً قصياً.. بعيداً عن ضوضاء "الساحة" ومهاتراتها ليمرر إبداعه بقوالب مبتكرة.. ذات عبق يجمع بين أصالة الماضي بجذورها العريقة وتفاؤل المستقبل، بنظرة محنكة... في هذاالزمن الذي ابتعد فيه الفن عن الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وابتعد عن منحاه الحقيقي، إلا أنه ظهرت محاولات عديدة للدفاع عن الفن الأصيل وعكس الانفعالات الإنسانية واتخذت هذه المحاولات أشكالاً عديدة وتبلورت في تعبيرات مختلفة وكان من بين هذه التعبيرات ما قدمه الفنان العربي السوري فؤاد تومايان من خلال رحلته التي نهل فيها من التراث واستطاع أن يحقق بعضاً من أحلامه، فهو يقول : " الفن هو حلمي الوحيد وحياتي وصحوتي ، ولذا جرفني في تياره ورحت أتعرف عليه من خلال عملي ودراستي الحرة".( في لقاء مع الزميل نخلة بيطار في زاوية لقاء الجمعة، جريدة الهيرلد الصادرة في سدني).
استفاد من دراسته وخبرته في الإعلام العربي وفن الإعلانات كمصمم ليظهر كل ذلك في بوتقة إبداع خاصة تميزت بالوحدة العضوية في جميع أعماله رغم مشاغل الحياة وتحدياتها الصعبة . الفنان فؤاد تومايان من الشهباء مدينة حلب الساحرة ، من هناك كانت الانطلاقة ، من ثانوية جورج سالم، وهناك أقام معرضه الأول في متحف حلب.
أعماله تتمايز بالتعامل مع التراث ومحاولة استنباط وخلق صور ورموز جديدة وتجسيد حي لأمنيات بعيدة. فؤاد تومايان مفعم بصدى التجربة نابض بالحياة، غني بالأحاسيس والانفعالات، يمتلك كل مقومات الخلق الفني المبكر مع تفرّد رائع في تسجيل أدق التفاصيل، وإبداع في المخيلة.
في لوحته بعنوان " براءة " استفاقات الإنسانية المعذبة ونداءات لأفق أرحم…لخطواته المهاجرة على الدروب، أبعاد لا تحدثها المسافات، ولثغره المثقل بالثمار ابتسامة عاشق محب، ولألوانه الجميلة أنين ناي متعب. كما جسده في لوحته " الناي الذهبي "، ألوانه تعزف أعذب الألحان، بروح صادقة هائمة تبحث عن أشياء ضاعت في زحمة الحياة…
نعم. ألوانه تبكي كل الأشياء الجميلة التي تتوقف عنده، والتي لم تستوقفه. وكل الأشياء المجهولة التي لم يعزفها بعد...
في لوحته التي حدثني عنها كثيراً والتي تتحدث عن الإنسان في زمن العولمة.. بكاء مرير خانق كأنه ينبئ بموت فقيد غال لم تعرفه الأسماء ...كأنه يغسل شرور العالم بعينيه القاطرتين حباً خالصاً.
بكاء طفل من نوع آخر... بكاء مهزوم تائه يخربش في ليلة باردة على شباك غربتنا الحقيقية.